كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 359 """"""
فقال قوم : بانيهما سوريد بن سهلوق بن سرناق . بناهما قبل الطوفان لرؤيا رآها ، فقصها على الكهنة ، فنظروا فيما تدل عليه الكواكب النيرة من أحداث تحدث في العالم ، فأقاموا مراكزها في وقت المسألة . فدلت على أنها نازلة من السماء تحيط بوجه الأرض . فأمر حينئذ ببناء البرابي والأهرام ، وصور فيها صور الكواكب ودرجها وما لها من الأعمال وأسرار الطبائع والنواميس وعمل الصنعة .
ويقال إن هرمس المثلث بالحكمة " وهو الذي يسميه العبرانيون أخنخ ، وهو إدريس عليه السلام " استدل من أحوال الكواكب على كون الطوفان . فأمر ببناء الأهرام وإيداعها الأموال وصحائف العلوم وما يخاف عليه الذهاب والدثور .
وكل هرم منها مربع القاعدة ، مخروط الشكل ، ارتفاع عموده ثلاثمائة ذراع وسبعة عشرة ذراعا ، يحيط به أربعة سطوح متساويات الأضلاع ، كل ضلع منها أربعمائة ذراع وستون ذراعا ، ويرتفع إلى أن يكون سطحه مقدار ستة أذرع في مثلها .
ويقال إنه كان عليه حجر شبه المكبة فرمته الرياح العواصف .
وهو مع هذا العظم من إحكام الصنعة وإتقان الهندسة وحسن التقدير بحيث أنه لم يتأثر إلى يومنا هذا بعصف الرياح وهطل الأمطار وزعزعة الزلازل ؛ وطول الحجر منه خمسة أذرع في سمك ذراعين .
ويقال إن بانيهما جعل لهما أبوابا على آزاج مبنية بالحجارة في الأرض ، طول كل أزج منها عشرون ذراعا . وكل باب من حجر واحد يدور بلولب ، إذا أطبق لم يعلم أحد أنه باب . فأزج الشرقي منها في ناحية الجنوب ، وأزج الغربي في ناحية الغرب . يدخل من كل باب منها إلى سبعة بيوت ، كل بيت منها على اسم كوكب من الكواكب السبعة ؛ وكلها مقفلة بأقفال . وحذاء كل بيت منها صنم من ذهب مجوف ، إحدى يديه على فيه ، وفي جبهته كتابة بالمسند إذا قرئت انفتح فوه فتوجد فيه مفاتيح ذلك القفل فيفتح بها .

الصفحة 359