كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 360 """"""
والقبط يزعمون أنها والهرم الصغير الملون قبور : فالهرم الشرقي فيه سوريد الملك ، وفي الهرم الغربي أخوه هوحيت .
والصابئة تزعم أن أحدها قبر أغاثديمون ، والآخر فبر هرمس ، والملون قبر صاب ابن هرمس ؛ وإليه تنسب الصابئة على قول من زعم ذلك منهم ؛ وهم يحجون إليها ويذبحون عندها الديكة والعجول السود ، ويبخرون بدخن ؛ ويزعمون أنهم يعرفون عند اضطراب ما يذبحون حالة الذبح ما يريدون عمله من الأمور الطبيعية .
وقصرت همم الملوك والخلفاء عن معرفة ما في هذين الهرمين ، إلى أن ولي عبد الله المأمون الخلافة وورد مصر ، أمر بفتح واحد منها . ففتح بعد عناء طويل ، واتفق لسعادته أنه وقع النقب علة مكان يسلك منه إلى الغرض المطلوب ، وهو زلاقة ضيقة من الحجر الصوان الماتع الذي لا يعمل فيه الحديد ، بين حاجزين ملتصقين بالحائط قد نقر في الزلاقة حفر ، يتمسك السالك بتلك الحفر ، ويستعين بها على المشي في الزلاقة لئلا يزلق ، وأسفل الزلاقة بئر عظيمة بعيدة القعر . ويقال إن أسفل البئر أبواب يدخل منها إلى مواضع كثيرة وبيوت ومخادع وعجائب .
وانتهت بهم الزلاقة إلى موضع مربع في وسطه حوض من حجر صلد مغطى . فلما كشف عنه غطاؤه ، لم يوجد فيه إلا رمة بالية . فأمر المأمون بالكف عما سواه .
وهذا الموضع يدخله الناس إلى وقتنا هذا .
وسنذكر إن شاء الله تعالى خبر الأهرام عند ذكرنا لأخبار ملوك مصر الذين كانوا قبل الطوفان وبعده ، وذلك في الباب الثاني من القسم الرابع من الفن الخامس ، وهو في السفر الثاني عشر من هذه النسخة من كتابنا هذا فتأمله هناك . وقال بعض أهل النظر ، وقد عاين الأهرام : كل بناء يخاف عليه من الدهر ، إلا هذا البناء فإني أخاف على الدهر منه .

الصفحة 360