كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 363 """"""
لا يهرمان ، قد اختص كل منهما بعظم البناء ، وسعة الفناء ؛ وبلغ من الارتفاع غاية لا يبلغها الطير على بعد تحليقه ، ولا يدركها الطرف على مدة تحديقه ؛ فإذا أضرم برأسه قبس ظنه المتأمل نجما ، وإذا استدارت عليه قوس السماء كان لها سهما " .
وبالقرب من الأهرام صنم على صورة إنسان ، تسميه العامة أبو الهول لعظمه . والقبط يزعمون أنه طلسم للرمل الذي هناك ، لئلا يغلب على أرض الجيزة .
وأما حائط العجوز
والعجوز هي دلوكا ملكة مصر .
وهذا الحائط من العريش " وهو حد مصر من جهة الشام " إلى أسوان " وهي حد مصر من جهة النوبة " ، شاملا للديار المصرية من الجانب الشرقي .
وزعمت القبط أن سبب بنائها أن الله عز وجل لما أغرق فرعون وقومه ، خافت دلوكا على مصر أن يطمع الملوك فيها . فبنته ، وزوجت النساء بالعبيد حتى يكثر النسل والذرية .
وقيل في سبب بنائه : إن دلوكا ولدت ولدا فأخذت لمولده رصدا ، فرأت أن التمساح يقتله ، فبنت هذا الحائط وقاية له من التمساح . فلما شب الغلام رأى في مولده ذلك ، فأحب أن يراه . فصور له من خشب . فلما رآه ، هاله منظره واستولى على نفسه الوهم والفزع ، فمات .
وأما ملعب أنصنا
فإنه كان مقياسا للنيل . ويقال : إنه من بناء دلوكا . وكان كالطيلسان ، وعليه أعمدة بعده بعدد أيام السنة من الصوان الأحمر الماتع ، بين العمود والعمود خطوة . وكان النيل يدخل إليه من فوهة فيه عند زيادة النيل . فإذا بلغ الحد الذي يحصل به الري ، جلس الملك في

الصفحة 363