كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)
"""""" صفحة رقم 366 """"""
فزعم بعضهم أنها من بناء الإسكندر بن قيلبس المقدوني . وزعم آخرون أنها من بناء دلوكا ، ملكة مصر . ويقال إن على جانبها الشرقي كتابة ، وإنها نقلت إلى اللسان العربي فوجدت بنت هذه القنطرة فرتنا بنت مرتيوس اليونانية لرصد الكواكب .
ويقال : أن طولها كان ألف ذراع وكان في أعلاها تماثيل من نحاس .
منها تمثال قد أشار بسبابته اليمنى نحو الشمس : أين ما كانت من الفلك ، يدور معها حيثما دارت .
ومنها تمثال وجهه في البحر متى صار العدو منهم على نحو من ليلة ، سمع له صوت هائل يعلم به أهل المدينة طروق العدو .
ومنها تمثال كلما مضى من الليل ساعة صوت صوتا مطربا .
ويقال : إنه كان بأعلاه مرآة ترى منها قسطنطينية ، وبينهما عرض البحر . كلما جهز الروم جيشا رؤي في المرآة .
وحكى المسعودي في مروج الذهب أن هذه المنارة كانت في وسط الإسكندرية ، وأنها تعد من بناء العالم العجيب ، بناها بعض البطالسة من ملوك اليونان يقال له الإسكندر ، لما كان بينهم وبين الروم من الحروب في البر والبحر فجعلوا هذه المنارة مرقبا ، وجعلوا في أعلاها مرآة من الأحجار المشفة ، تشاهد فيها مراكب البحر إذا أقبلت من رومية على مسافة تعجز الأبصار عن إدراكها . ولم تزل كذلك إلى أن ملكها المسلمون ، فاحتال ملك الروم على الوليد بن عبد الملك بأن أنفذ أحد خواصه ومعه جماعة إلى بعض ثغور الشام على أنه راغب في الإسلام . فوصل إلى الوليد ، وأخرج كنوزاً ودفائن كانت في الشام حملت الوليد على تصديقه فيما يدعيه . ثم قال له : إن تحت المنارة أموالا ودفائن وأسلحة ، دفنها الإسكندر فصدقه وجهزه مع جماعة من ثقاته إلى الإسكندرية ، فهدم ثلث المنارة وأزال المرآة ، ثم فطن الناس أنها مكيدة ، فاستشعرذلك فهرب في مركب كانت معدة له . ثم بنى ما هدم بالجص والآجر .