كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 386 """"""
بالي المعالم أطرقت شرفاته . . . إطراق منجذب القرينة عانى .
أمقاصر الغزلان غيرك البلى . . . حتى غدوت مراتع الغزلان
وملاعب الأنس الجميع طوى الردى . . . منهم فصرت ملاعب الجِنانِ
وقال أبو الحسن علي القابوسي نثرا : " قد كان منزله مألف الأضياف ، ومأنس الأشراف ، ومنتجع الركب ، ومقصد الوفد ؛ فاستبدل بالأنس وحشه ، وبالنضارة غبره ، وبالضياء ظلمه ؛ واعتاض من تزاحم المواكب ، بالأدم النوادب ؛ ومن ضجيج النداء والصهيل ، عجيج البكاء والعويل " .
ومن رسالة لضياء الدين بن الأثير الجزري ، جاء منها : " دار لعبت بها أيدي الزمن ، وفرت بين الساكن والسكن . كانت مقاصير جنة ، فأضحت وهي ملاعب جنة . ولقد عميت أخبار قطانها وعفت آثارها آثار وطانها ، حتى شابهت إحداهما في الجفا الأخرى في العفا . وكنت أظن أنها لا تسقى بعدهم بغمام ، ولا يرفع عنها جلباب ظلام ؛ غير أن السحاب بكاهم وأجرى بها سوافح دموعه ، والليل شق عليهم جيوبه فظهر الصباح من خلال صدوعه " .
ومما قيل في حب الأوطان
قال ابن الرومي " وهو أول من بين السبب في حب الوطن " :
ولي منزلٌ ، آليت أن لا أبيعه . . . وأن لا أرى غيري له الدهر مالكَا
عهدت به شرخ الشباب ونعمةً . . . كنعمة قوم أصبحوا في ظلاَلكَا .
فقد ألفته النفس حتى كأنه . . . لها جسدٌ ، إن غاب غودرت هالَكا .

الصفحة 386