كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)
"""""" صفحة رقم 53 """"""
قالوا : والأنبياء أمثالنا في النوع ، وأشكالنا في الصورة ، ومشاركونا في المادة . يأكلون مما نأكل ، ويشربون مما نشرب ، ويساهموننا في الصورة . أناس بشر مثلنا ، فمن أين لنا طاعتهم ، وبأية مزية لهم لزم مشايعتهم ؟ " ولئن أطعمتم بشراً مثلكم إنكم إذا لخاسرون " .
قالوا : وما الفعل ، فالروحانيات هم الأسباب المتوسطون في الاختراع ، والإيجاد ، وتصريف الأمور من حال إلى حال ، وتوجيه المخلوقات من مبدأ إلى كمال ، يستمدون القوة من الحضرة القدسية ، ويفيضون على الموجودات السفلية .
فمنها مدبرات الكواكب السبعة السّيارة في أفلاكها ، وهي هياكلها . فلكل روحاني هيكل ، ولكل هيكل فلك . ونسبة الروحاني إلى ذلك الهيكل الذي اختص به نسبة الروح إلى الجسد . فهو ربه ومديره ومدبره .
وكانوا يسمون الهياكل أربابا " وربما يسمونها اباء " ، والعناصر أمهات . ففعل الروحانيات تحريكها على قدر مخصوص ليحصل من حركاتها انفعالات في الطبائع والعناصر ، فيحصل من ذلك تركيبات وامثراجات في المركبات فتتبعها قوى جسمانية ، وتركب عليها نفوس روحانية ، مثل أنواع النبات والحيوان . ثم قد تكون التأثيرات كلية صادرة عن روحاني كلى ، وقد تكون جزئية صادرة عن روحاني جزئي . فمع حنس المطر ملك ، ومع كل قطرة ملك .
ومنها مدبرات الآثار العلوية الظاهرة في الجو مما يصعد من الأرض فينزل مثل الأمطار والثلوج والبرد والرياح ؛ وما ينزل من السماء مثل الصواعق والشهب ؛ وما يحدث في الجو من الرعد والبرق والسحاب وقوس قزح وذوات الأذناب