كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 73 """"""
وقيل : طوبى لبلدةٍ نتجت . . . بجو أكنافها بوارقها .
أية نعماء لا تحل بها ؟ . . . وأي بأساء لا تفارقها ؟
وقال القاضي التنوخي :
سحاب أتى كالأمن بعد تخوف . . . له في الثرى فعل الشفاء بمندف .
أكب على الآفاق إكباب مطرقٍ . . . يفكر أو كالنادم المتلهف .
ومد جناحيه على الأرض جانحاً . . . فراح عليها كالغراب المرفرف .
غدا البر بحراً زخراً وانثنى الضحى . . . بظلمته في ثوب ليلٍ مسجف .
فعبس عن برقٍ به متبسمٍ . . . عبوس بخيلٍ فيه تبسم معتف .
تحاول منه الشمس في الجو مخرجاً . . . كما حاول المغلوب تجريد مرهف .
وقال ابن الرومي :
سحائب قيست بالبلاد فألفيت . . . غطاءً على أغوارها ونجودها .
حدتها النعامى مقبلاتٍ فأقبلت . . . تهادى رويداً سيلها كركودها .
وقال أبو هلال العسكري :
وبرقٍ سرى ، والليل يمحى سواده . . . فقلت : سوارٌ في معاصم أسمرا
وقد سد عرض الأفق غيم تخاله . . . يزرُّ على الدنيا قميصاً معنبرا .
تهادى على أيدي الحبائب والصبا . . . كخرقٍ من الفتيان نازع مسكرا .
تخال به مسكاً وبالقطر لؤلؤاً . . . وبالروض ياقوتاً وبالوحل عنبرا .
سواد غمام يبعث الماء أبيضاً . . . وغرةٍ أرض تنبت الزهر أصفرا . أتتك به أنفاس ريح مريضةٍ . . . كمفظعة رعناء تستاق عسكرا .

الصفحة 73