كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)
"""""" صفحة رقم 80 """"""
ولآخرين فساداً وطيرا . " وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد " .
وإنه كان من امتساك السقيا ، وتوقف الحيا ؛ ما ريع به الأمن واستطير له الساكن ؛ ورجفت الأكباد فزعاً ، وذهلت الألباب جزعاً ؛ وأذكت ذكاء حرها ، ومنعت السماء ردها ؛ وكتست الأرض غبرة بعد خضرة ، ولبست شحوبا بعد نضرة ؛ وكادت برود الرياض تطوى ، ومدود نعم الله تزوى ، ثم نشر الله تعالى رحمته ، وبسط نعمته ، وأتاح منته ، وأزاح محنته . فبعث الرياح لواقح ، وأرسل الغمام سوافح ؛ بماء يتدفق ، ورواء غدق ، من سماء طبق . استهل جفنها فدمع ، وسمح دمعها فهمع ، وصاب وبلها فنقع . فاستوفت الأرض رياً ، واستكملت من نباتها أثاثاً وريا ؛ فزينت الأرض مشهورة ، وحلة الزهر منشورة ، ومنه الرب موفوره ، والقلوب ناعمة بعد بؤسها ، والوجوه ضاحكة أثر عبوسها ؛ وأثار الجزع ممحوه ، وسور الشكر متلوه ؛ ونحن نستزيد الواهب نعمة التوفيق ونستهديه في قضاء الحقوق إلى سواء الطريق ؛ ونستعيذ به من المنة أن تعود فتنه ، والمنحة أن تصير محنه والحمد لله رب العالمين
9 - ذكر شيء مما وصف به الثلج والبرد
قال أبو الفتح كشاجم :
الثلج يسقط أم لجين يسبك ، . . . أم ذا حصى الكافور ظلَّ يفرك ؟
راحت به الأرض الفضاء كأنها . . . في كل ناحيةٍ بثغر تضحك
شابت ذوائبها فبين ضحكها . . . طرباً وعهدي بالمشيب ينسك
وتردت الأشجار منه ملاءةً . . . عما قليلٍ بالرياح تهتك