كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 88 """"""
وزعم بعض القدماء إن أثر القوس غير حقيقي ، وإنما هو تخييل لا وجود له في نفسه . وقال إن ادراكه على نحو إدراك صورة الإنسان في المرآة من غير أن تكون منطبعة على الحقيقة فيها ولا قائمة بها . وذلك بحسب غلظ الحس الباصر وهو لا يرى إلا أن يكون وراء السحاب الصقيل ، إذا ذاك يكون كالمرآة مؤدياً للبصر على نحو تأدية البلور ، إذا جعل وراء شيء غير مشف . ولا يكون ذلك عن السحاب الصقيل وحده ، كما لا يكون عن البلور وحده ، ولا عن غير المشف وحده . والله أعلم .
ذكر ما قيل في وصفه وتشبيهه
قال أبو الفرج الوأواء ، عفا الله تعالى عنه و :
سقياً ليوم بدا قوس الغمام به . . . والشمس طالعةٌ والبرق خلاسُ كأنه قوس رامٍ والبروق له . . . رشق السهام وعين الشمس برجاس
وقال سعيد بن حميد القيرواني ، رحمة الله عليه :
أما ترى القوس في الغمام وقد . . . نمق فيه الهواء نورا ؟
حكى الطواويس وهي جاعلةٌ . . . أذنابها للمياه أستارا .
أخضر في أحمرٍ على يققٍ . . . على وشاح السحاب قد دارا .
كأنما المزن وهي راهبةٌ . . . شدت على الأفق منه زنارا .
وقال ظاهر الدين الحريري . شاعر الخريدة عفا الله عنه :
ألست ترى الجو مستعبراً . . . يضاحكه برقه الخلب ؟

الصفحة 88