كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 91 """"""
وقال : أن الجنوب إذا هبت ، أذابت الهواء وبردته ، وسخنت البخار والأنهار فكل شيء في رطوبة تغير لونه وحالاته . وهي ترخى الأبدان والعصب ، وتورث الكسل ، وتحث ثقلاً في الأسماع ، وغشاوة في الأبصار . وأما الشمال فإنها تصلب الأبدان ، وتصحح الأدمغة ، وتحسن اللون ، وتصفي الحواس ، وتقوي الشهوة والحركة ، غير أنها تهيج السعال ، ووجع الصدر .
وزعم بعض من تأخر في الإسلام من الحكماء : أن الجنوب إذا هبت بأرض العراق ، تغير الورد ، وتناثر الورق ، وتشقق القنبيط ، وسخن الماء ، واسترخت الأبدان ، وتكدر الهواء .
وزعم آخرون من القدماء : إن الهواء جسم رقيق متى تموج من المشرق إلى المغرب سمي ريح الصبا . قيل : سميت ريح الصبا ، لأن النفوس تصبو إليها لطيب نسيمها وروحها . والصبوة الميل . وجاء في بعض الآثار : ما بعث نبي إلا والصبا معه ، وهي الريح التي سخرت لسليمان عليه السلام غدوها شهرا ، أي من أول النهار إلى الزوال ، ورواحها شهر ، أي من الزوال إلى المغرب . كان يغدو من تدمر من بلاد الشام فيقيل في إصطخر من بلاد فارس ، ويبيت بكابل من بلاد الهند .
وعن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال نصرت بالصبا ، وأهلكت عاد بالدبور .
وإذا تموج من الجنوب إلى الشمال ، سمي ريح الجنوب ، وهي الريح التي أهلك الله عز وجل بها عاداً وسيأتي ذكر ذلك إن شاء الله تهالى في الفن الخامس من كتابنا هذا .
وإذا تموج من الشمال إلىالجنوب ، سمي ريح الشمال .

الصفحة 91