كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

لأنَّ إرَادَةَ كُلِّ واحدَةٍ منهما مُسْتَلْزِمَةٌ لعَدَمِ إِرَادَةِ الأُخْرَى؛ لأنَّه تَقَرَّرَ أنَّه مَوْضُوعٌ لهما على البَدَلِيَّةِ، لا على المَعِيَّةِ، فلو كانَ مُرَادَيْنِ معاً، لَزِمَ ألاَّ يَكُونَ مُرَادَيْنِ معاً، وهو مُحَالٌ،
والثاني: وعليه الأكثرونَ: الجوازُ، فلا يَمْتَنِعُ أنْ يَقًُولَ: العَيْنُ مَخْلُوقَةٌ، ويُرِيدُ جَمِيعُ مَحامِلِها، وشَرَطُوا ألاَّ يَمْتَنِعُ الجَمْعُ لأمْرِ خارجيٍّ، كما في الجَمْعِ بينَ الضِّدَيْنِ، ومَثَّلُوهُ بصِيغَةِ افْعَلْ، للأمْرِ والتَّهْدِيدِ فإنَّه يَمْتَنِعُ الجَمْعُ بينَهما، وصِحَّةُ الجَمْعِ بينَ المَعْنَيَيْنِ، يَكُونُ بأنْ يَصِحَّ انْتِسَابُه إلى كلِّ واحدٍ من المَعْنَيَيْنِ في التَّرْكِيبِ، كقولُنا: العَيْنُ مُتَحَيِّزٌ، ونُرِيدُ الجَارِحَةُ والذَّهَبُ، أو بأنَّ يَكُونَ المَنْسُوبُ إليه في التَّرْكِيبِ قَابِلاً للتَّوْزِيعِ بالنَّسْبَةِ بأنْ يَكُونَ البَعْضُ مَنْسُوباً إلى أَحَدِهما، والبعضُ مَنْسُوباً إلى الآخَرِ، كما في قولِه تعالَى: {إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ} فإنَّ الضميرَ قَابِلٌ للتَّوْزِيعِ، لاخْتِلافِ مَدْلُولِ الصَّلاةِ بالنِّسْبَةِ إلى اللهِ تعالَى وإلى الملائكةِ، ثم اخْتَلَفَ المُجَوِّزُونَ هل هو حقيقةٌ أو مجازٌ؟.
فالمُخْتَارُ عندَ ابنِ الحَاجِبِ والمُصَنِّفِ أنَّه مَجَازٌ، وإليه مِيلَ إمامُ الحَرَمَيْنِ، فإنَّه صَرَّحَ بأنَّه لا يُسْتَعْمَلُ في الجميعِ إذا تَجَرَّدَ عن القرائنِ وبالجوازِ معَ قرينَةٍ مُتَّصِلَةٍ، وعَلَلَّ المَنْعَ بكونِ الواضِعِ إنَّما وَضَعَهُ لهُما على

الصفحة 429