كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 1)
السادسُ: الزيادَةُ، ومَثَّلُوه بقولِه تعالَى: {لَيْسَ كَمَثْلِهِ شَيْءٌ} فإنَّ الكافَ زائدةٌ، والتقديرُ ليسَ مثلَ مثْلِه شيءٌ، وإلاَّ لَزِمَ المثلُ وهو مُحالٌ، ويَجُوزُ أنْ تكونَ غيرَ زائدةٍ ولاَ يَلْزَمُ المحذورُ، لوجوهٍ:
أحدُها: أنَّه يَجُوزُ سَلْبُ الشيءِ عن المعْدومِ، كما يَجُوزُ سَلْبُ الكتابَةِ عن زيدٍ وهو معدومٍ.
وثانيها: أنَّ المثْلَ يَاتِي بمعنَى الشَّبَهِ كالشبهِ، والشبَهُ والمِثْلُ: الصفةُ، قالَ تعالَى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ}؛ أي: صِفَتُها، والتقديرُ ليسَ كصِفَتِه شيءٌ.
ثالثُها: أنْ يكونَ لَفْظُ المِثْلِ كهُوَ، في قَوْلِهِم: مِثْلُك لا يَبْخَلُ؛ أي: أنتَ لا تَبْخَلُ فلا يُرادُ غيرُ ما أُضِيفَ إليه، وإليه، أَشَارَ الشاعرُ بقولِه:
ولم أَقُلْ مِثْلُكَ نَعْنِي بِه غَيْرَكَ ... يَا فَرْداً بِلاَ مُشَبَّهٍ
وهنا ضَرْبٌ من الكنايةِ التي هي أَبْلَغُ من التصريحِ، لتَضَمُّنِها إثباتُ الشيءِ
الصفحة 462