كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

والرابعُ: إنَّه تَمْثِيلٌ، فلا مَجازَ فيه في الإسنادِ ولا في الإفرادِ بل هو كلامُ أُورِدَ ليُتَصَوَّرَ معناهُ، فيَنْتَقِلُ الذِّهْنُ منه إلى إثباتِ اللهِ ليُصَدَّقَ فيه، وهو اختيارُ الإمامِ فَخْرِ الدِّينِ في (نِهايةِ الإيجَازِ) قالَ القاضِي عَضَدُ الدِّينِ: والحَقُّ أنَّها تَصَرُّفَاتٌ عَقْلِيَّةٌ ولا حَجْرَ فيها فالكلُّ مُمْكِنٌ، والنَّظَرُ إلى قَصْدِ المُتَكَلِّمِ.
ص: (وفِي الأفعالِ والحروفِ وِفاقاً لابنِ عبدِ السلامِ والنقْشَوَانِيِّ، ومَنَعَ الإمامُ الحَرْفَ مُطْلقاً، والفعلُ والمُشْتَّقُ إلاَّ بالتبَعِ).
ش: قالَ الشيخُ عِزُّ الدِّينِ في كتابِ (المَجازِ) وقد تَجَوَّزَتِ العَرَبُ في الأسماءِ والأفعالِ والحروفِ، فمِن التجَوُّزِ في الأسماءِ: التعبيرُ بالأسدِ عن الشجاعِ، وبالبحْرِ عن الجوادِ وهو كثيرٌ، وأمَّا الحروفُ فقد تَجَوَّزُوا ببَعْضِها، كهَلْ، تَجَوَّزُوا بها عن الأمْرِ نحوَ: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}؛ أي: فَأَسْلَمُوا، أو النفْيِ نحوَ: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ}؛ أي: مَا تَرَى، أو التقْدِيرُ، نحوَ: {هَلْ لَكُمْ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانِكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِيمَا رَزَقْنَاكُمْ} وَعَدَّ حُرُوفاً كَثِيرَةَ، وأمَّا الأفعالُ فقد تَجَوَّزُوا بالمَاضِي عن المستقبلِ تَشْبِيهاً له في التحقيقيِّ، كقولِه تعالَى: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ}، {ونَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ}، {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ}، وعَكْسَه: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتّْلُوا الشَّيَاطِينِ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانِ}؛ أي: تَلَتْه، وبِلَفْظِ الخَبَرِ عن الأمَرِ

الصفحة 468