كتاب تشنيف المسامع بجمع الجوامع (اسم الجزء: 2)

والتفرقة بينه وبين غيره بالبديهة أن يكون ذلك الشيء معلوما بكنه حقيقته بالبديهة نعم، يلزم منه أن يكون معلوما من بعض الوجوه بالبديهة، وذلك لا يلزم بداهته فإن قيل: البديهي لا يفتقر إلى الدليل وأنتم قد استدللتم عليه قلنا: قد يكون التصور بديهيا ولا يفتقر حصوله إلى تصور آخر وبداهته لا تكون بديهية ولهذا حدوا البديهي من التصورات بالذي لا يفتقر في حصوله إلى تصور آخر ليعلم بالحد ماهيته ولا يقدح ذلك في بداهته غير ذاتية وإنما القادح في بداهته، توقف حصوله على أمور أخر، وقد فسروا الطلب بأنه الأمر القائم بالنفس يجري مجرى العلم والقدرة وسائر الصفات القائمة به، وهذه الصيغة المخصوصة دالة عليه.
(ص) والأمر غير الإرادة خلافا للمعتزلة.
(ش) لا خلاف بيننا وبين المعتزلة أن الأمر دل على الطلب وإنما اختلفوا في حقيقة الطلب فعند المعتزلة: هو إرادة المأمور به، وعندنا: هو شيء غير الإرادة وأنه يقوم بالنفس معنى سوى إرادة الفعل المأمور به فإنا نجد الآمر يأمر بما لا يريده لأن الإيمان من الكفار مطلوب بالإجماع، ومنهم من أخبر الله بأنه لا يؤمن فكان إيمانه محالاً؛ لإخبار الله بعدمه، والمحال لا يكون مراد الله تعالى ولأن الطلب قد يتحقق بدون الإرادة لأنه يجتمع مع كراهته، ولأنه لو كان الأمر الإرادة، لوجب وجود أوامر الله تعالى كلها، فإن إرادة الفعل، تخصيصه بحال حدوثه فإذا لم يوجد لم

الصفحة 581