كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 1-2)

عليه؛ فدفن لزيق أبيه الحكم. ثم دعا علي بسليمان وذويه فضرب عنقه بيده، وظهر منه جزع شديد عند ملاحظته السيف، خارت منه قواه، فجثا على ركبتيه، ثم ضربت عنق الشيخ أبيه وعنق عبد الرحمن ابنه، وجعلت الرؤوس الثلاثة في طست، وأخرجت من القصر إلى المحلة ينادي عليها: هذا جزاء من قتل هشاماً المؤيد؛ ثم ردت الرؤوس الثلاثة ونظفت وطيبت؛ وقد كانت جمعت رؤوس رؤساء من البرابرة المقتولين في الوقعة في قفة، وجعل رأس أحمد ابن الدب في أعلاها، وعلقت في آذانهم رقاع بأسمائهم. وكانت في المحلة تحمل من مضرب قائدٍ إلى مضرب سواه. وعجب الناس من اجتماع رؤوس من ضاقت أرض الأندلس برحبها عنها، وشملها شرها وأذاها طراً في قفة ضيقة، والأمر لله.
وحكي أن والد سليمان حين عاين قتل ابنيه بين يديه قال له عليّ: أهكذا يا شيخ قتلتم هشاماً - قال: لا والله ما قتلناه وإنه لحي يرزق! فحينئذ عجل عليّ بقتل الشيخ؛ وكان رحمه الله تقياً صالحاً لم يتشبث بشيء من أمر ابنه.

الصفحة 42