كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 1-2)

البرابرة به. لما كانوا يكثرون من الترحم عليه والطلب بدمه؛ فأبرزه للناس وعجبوا من ذلك، فقال له البربر: الله محمود على سلامته، ونحن فلا حاجة لنا في إمامته، ولا نرضى بغير سليمان؛ فلما سمع المهدي ذلك، خرج في الليل عن القصر، وتطمر بقرطبة إلى أن لحق بطليطلة، ودعا الناس إلى القيام بنصرته؛ فجمع له واضح عساكر الإفرنجة وأهل الثغور؛ وجاءهم مع واضح إلى قرطبة، فبرز إليه سليمان، والتقى الجمعان يوم الجمعة في شوال من العام؛ فانهزم سليمان؛ فدخل المهدي قرطبة وبويع له بها، وتردد عليه البربر يحاربونه، فشرع في حفر الخندق حول قرطبة، وألزم أهلها القيام بأمره؛ فاشتدت الكلفة عليهم. ودبر واضح مع الموالي العامريين الغدر بالمهدي، وشغبوا عليه في ذي الحجة من العام، وأخرجوا هشاماً المؤيد من محبسه بالقصر، وأجلسوه للخلافة بالسطح، ونادوا بشعاره، وضربوا عنق المهدي بين يديه، وألقوا جسده من أعلى السطح، ورفعوا رأسه على قناة طيف بها البلد كله، وقطعت يده ورجله. وعاد هشام المؤيد إلى الخلافة، وجددت له البيعة، واستحجب واضحاً الفتى، واستولى على التدبير الأمور، وأرسل برأس المهدي إلى عسكر سليمان على معاودة طاعة هشام، وقد رجا استمالتهم به فأبوا ذلك، وأغلظ سليمان على رسله، وأراد قتلهم

الصفحة 45