كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 1-2)

ولم يخرجوا من الحبس إلا يوم جلوس صاحبهم عبد الرحمن للإمارة؛ فبقى مستخفياً، وهو يدب الضراء في الدعاء إلى نفسه، إلى أن أعلقوه بالشوى عند إيقاعها في ذلك الوقت لظهور براعته، وأجمعوا عليه وعلى سليمان بن المرتضى، وعلى محمد بن العراقي. فتقدم في إحضار الخاصة والجند والعامة بالمسجد الجامع لمشاهدة بيعة من يختار من هؤلاء الثلاثة الأمراء للخلافة، فغدا الناس لذلك على طبقاتهم.
قال ابن حيان: وكنت في من حضر المقصورة يومئذٍ، فكان أول من وافى منهم سليمان بن المرتضى، جاء مع عبد الله بن مخامس الوزير في أبهةٍ وشارة دلت على المراد فيه؛ فدخل من باب الوزراء الغربي والسرور بادٍ عليه، فاستقبله أصحابه وقدموه إلى بهو الساباط؛ فأجلس هنالك على مرتبةٍ لا تصلح لأحد سواه، وهو بهج جذلان، لا يشك في تمام الأمر له، وأصحابه يرتقبون مجيء ابني عمه المذكورين - وقد أبطأا - كيما يحصلوهما عنده. فبينما نحن على ذلك، والقلق على القوم باد، إذ غشيتنا ضجة وزعقة هائلة ارتج لها الجامع واضطرب لها من بالمقصورة. فإذا عبد الرحمن بن هشام قد وافى شرقي الجامع، في خلقٍ رجالهما، شاهرين سيفيهما أمامه، لهيجن باسمه؛ فراع الوزراء

الصفحة 49