كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 1-2)

@ذكر الخبر عن كيفية مقتله
قال ابن حيان: وكان سبب ذلك أن حسن رأيه في ابن عمران - أحد الرهط الذين كان سجنهم - فأخرجه، فقال له بعض أصحابه: إن مشى ابن عمران في غير سجنك باعاً، بتر من عمرك عاماً؛ فعصاه المستظهر فيه لغالب هواه، فحاق به في الثالث رداه؛ وكان ورد عليه قبل إطلاقه بيومين فوارس من البربر، فكرم مثواهم وأنزلهم معه في دار الملك، فاهتاج لذلك الدائرة وقالوا للعامة: نحن الذين قهرنا البرابرة وطردناهم عن قرطبة، وهذا الرجل يسعى في ردهم إلينا، وتمكينهم من نواصينا؛ فهاجوا العامة، فوثبوا عليه بالقصر، وقتل البرابرة حيث وجدوا. ولم يشعر عبد الرحمن إلا والرجالة قد انتشروا على سقف القصر، وسمع المسجونون عنده هتاف الناس فاستغاثوهم، فدقوا الأغلاق دونهم، واختلط بالحرم؛ فعلم عبد الرحمن أنه مقتول. وأحيط به من كل جهة؛ فاستغاث الوزراء: ابن جهور ولمته، فلم يجدوا له مناصاً ولا خلاصاً، ولا يصدقون بنجاة أنفسهم وقد ضهلوا عنه بالحيلة في تخليصهم؛ فأشار عليهم الدائرة الفسقة بتركه، والذهاب عنه؛ فجعل الوزراء يتسللون عنه واحداً بعد واحد إلى أن أفردوه. فنجا عامة من

الصفحة 53