كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 1-2)

يقلن وموج البحر والهم والدجى ... تموج بنا فيها عيون وآذان
ألا هل إلى الدنيا معاد وهل لنا ... سوى البحر قبر أوسوى الماء أكفان
وهبنا رأينا معلم الأرض هل لنا ... من الأرض مأوى أو من الإنس عرفان
وصرف الردى من دون أدنى منازل ... تباهى إلينا بالسرور وتزدان
تقسمهن السيف والحيف والبلى ... وشطت بنا عنها عصور وأزمان
كما اقتسمت أخدانهن يد النوى ... فهم للردى والبر والبحر إخدان
ظعائن عمران المعاهد مقفر ... لهن وقعر الأرض منهن عمران
هوت أمهم ماذا هوت برحالهم ... إلى نازح الآفاق سفن وأظعان
كواكب إلا أن أفلاك سيرها ... زمام ورحل أو شراع وسكان
فإن غربت أرض المغارب موئلي ... وأنكرني فيها خليط وخلان
فكم رحبت أرض العراق بمقدمي ... وأجزلت البشرى علي خراسان
وإن بلاداً أخرجتني لعطل ... وإن زماناً خان عهدي لخوان
سلام على الإخوان تسليم يائسٍ ... وسقياً لدهر كان لي فيه إخوان
نودعهم شجواً بشجو كمثل ما ... أجابت حفيف السهم عوجاء مرنان
ويصدع ما ضم الوداع تفرق ... كما انشعبت تحت العواصف أغصان
إذا شرق الحادي بهم غربت بنا ... نوى يومها يومان والحين أحيان
فلا مؤنس إلا شهيق وزفرة ... ولا مسعد إلا دموع وأشجان
وما كان ذاك البين بين أحبة ... ولكن قلوب فارقتهن أبدان
فيا عجباً للصبر منا كأننا ... لهم غير من كنا وهم غير من كانوا
قضى عيشهم بعدي وعيشي بعدهم ... بأني قد خنت الوفاء وقد خانوا

الصفحة 93