كتاب سمط اللآلي في شرح أمالي القالي (اسم الجزء: 1-2)

في سفر وخلفوا عندنا غلمانا، وقد انحدر الغلمان عشية إلى صرم لهم قريب منا يتحدثون إلى جوار منهم، فبقيت أنا وبثينة وهي تسترم غزلاً لنا إذ انحدر علينا منحدر؟ من هضبة حذاءنا، فسلم ونحن مستوحشون، فرددت السلام ونظرت، فإذا برجل شبهته بجميل ودنا فأثبته، فقلت: أجميل؟ قال: إي والله! قلت: وأبيك لقد عرضتنا ونفسك شراً، فما جاء بك؟ قال: هذه الغول التي وراءك، وأشار إلى بثينة، وإذا هو لا يتماسك، فقربت إليه طعاما، فقلت: أصب، وحلبت له فشرب وتراجع. فقلت: لقد جهدت فما أمرك؟ قال: أردت مصر وجئت أودعكم، وأنا والله في هذه الهضبة منذ ثلاث ليال أنتظر انتهاز فرصة، حتى رأيت منحدر فتيانكم العشية، فحدثنا ساعة ثم ودعنا وانطلق، فلم يلبث أن جاءنا نعيه من مصر. قال ابن عياش فذلك قوله:
فمن كان في حبي بثينة يمتري ... فبرقة ذي ضال على شهيد
أراد هذه الهضبة التي أقام فيها أياماً ما أكل ولا شرب.
وأنشد أبو علي لخالد الكاتب:
راعى النجوم فقد كادت تكلمهوانهل بعد دموع يا لها! دمه
أشفى على سقم يشفى الرقيب به ... لو كان أسقمه من كان يرحمه
ع رواه غيره:
وانهل بعد تباري دمعه دمه
والبيت الثاني:
أغضي على سقم يشفى الرقيب به ... لو كان يرحمه من ظل يسقمه
وأنشد أبو علي للأعشى:
وإن معاوية الأكرمين ... حسان الوجوه طوال الأمم
ع بعده:

الصفحة 949