كتاب الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات (اسم الجزء: 1)
الفرض الرابع. (وترتيب) بين الأعضاء، كما ذكر اللَّه تعالى، لأنه أدخل ممسوحًا بين مغسولين، وقطع النظير عن نظيره، وهذا قرينة إرادة الترتيب. وتوضأ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مرتبًا، وقال: "هذا وضوء لا يقبل اللَّه الصلاة إلا به" (¬1). أي بمثله. وهذا هو الفرض الخامس. (و) السادس (موالاة) لقوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} (¬2) لأن الأول شرط والثاني جوابه، وإذا وجد الشرط وهو القيام وجب أن لا يتأخر عنه جوابه وهو غسل الأعضاء، يؤيده حديث خالد بن معدان أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى رجلًا يصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره أن يعيد الوضوء. رواه أحمد، وأبو داود، وزاد: والصلاة (¬3). ولو لم تجب الموالاة لأجزأه غسل اللمعة فقط، ولم ينقل عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه توضأ إلا متواليًا، وإنما لم تشترط في الغسل؛ لأن المغسول فيه بمنزلة العضو الواحد.
(والنية شرط لكل طهارة شرعية) لحديث: "إنما الأعمال بالنيات" (¬4). أي لا عمل جائز ولا فاضل إلا بها (غير إزالة خبث) فلا
¬__________
= والحديث صحيح بمجموع طرقه. ينظر: "نصب الراية" (1/ 59، 65)، و"التلخيص الحبير" (1/ 103)، و"سلسلة الأحاديث الصحيحة" اللألباني (رقم 36).
(¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء مرة ومرتين وثلاثًا، عن ابن عمر (1/ 145) وسنده ضعيف. ينظر: "نصب الراية" (1/ 72)، و"علل ابن أبي حاتم" (1/ 45)، و"التلخيص الحبير" (1/ 93)، و"فتح الباري" (1/ 233).
(¬2) سورة المائدة، الآية: 6.
(¬3) أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1/ 424)، وأبو داود في "سننه" كتاب الطهارة، باب تفريق الوضوء (1/ 121) عن خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . به، وطريق أحمد فيه: عن بعض أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال الإمام أحمد: هذا إسناد جيد. اهـ
وينظر: "التلخيص الحبير" (1/ 106)، و"إرواء الغيل" (1/ 127).
(¬4) أخرجه البخاري في أول صحيحه (1/ 2)، ومسلم في "صحيحه" كتاب الإمارة (3/ 1515) عن عمر بن الخطاب.