كتاب الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات (اسم الجزء: 1)

وأفضل تطوع به من العبادات: الجهاد. قال أحمد: لا أعلم شيئًا من العمل بعد الفرائض أفضل من الجهاد (¬1). قال تعالى {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} (¬2) الآية، وقال تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ} إلى {غَفُورًا رَحِيمًا (96)} (¬3)، ولحديث أبي سعيد قال: قيل: يا رسول اللَّه، أي الناس أفضل؟ قال: "من يجاهد في سبيل اللَّه بنفسه وماله" (¬4) متفق عليه. ولأن الجهاد بذل المهجة والمال، ونفعه يعم المسلمين كلهم، وغيره لا يساويه في نفعه، فلا يساويه في فضله.
وغزو البحر أفضل من غزو البر، لحديث ابن ماجه مرفوعًا: "شهيد البر يغفر له كل شيء إلا الدَّين، ويغفر لشهيد البحر كل شيء حتى الدين" (¬5).
(ولا يتطوع به) -أي الجهاد- (مَنْ أحد أبويه حر مسلم إلا بإذنه)
¬__________
= الجهاد، وباب وجوب التنفير، وباب لا هجرة بعد الفتح (3/ 200، 210، 4/ 38)، ومسلم، في الحج (2/ 986) من حديث ابن عباس.
(¬1) "الشرح الكبير" (10/ 16).
(¬2) سورة التوبة، الآية: 111.
(¬3) سورة النساء، الآيتان: 95، 96.
(¬4) البخاري، في الرقاق، باب العزلة راحة من خلاط الناس (7/ 188)، ومسلم، في الإمارة (3/ 1503).
(¬5) ابن ماجه، الجهاد باب فضل غزو البحر (2/ 928) من حديث أبي أمامة. ولفظه: ويغفر لشهيد البر الذنوب كلها إلا الدين، ولشهيد البحر الذنوب والدين. حكم عليه الألباني بالوضع في "السلسلة الضعيفة" (2/ 222) وقال: هو مخالف لحديث: "يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين" رواه مسلم. اهـ وقد رواه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (2/ 655) عن عبد اللَّه بن عمرو مرفوعًا بلفظ: "الشهادة تكفر كل شيء إلا الدين، والغرق يكافر ذلك كله" قال الحافظ في "التهذيب" (6/ 364): متن باطل وإسناد مظلم. اهـ وينظر: "السبيل الهاد إلى تخريج أحاديث كتاب الجهاد" للدكتور الشيخ العالم مساعد بن سليمان الحميد (2/ 655، 656).

الصفحة 642