كتاب الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات (اسم الجزء: 2)

(تنعقد) سائر المعاملات من بيع وغيره (بمعاطاة) نصًّا (¬1)، في القليل والكثير لعموم الأدلة (¬2). ولأنه تعالى أحل البيع ولم يتبين كيفيته، فوجب الرجوع فيه إلى العرف، والمسلمون في أسواقهم ومبايعاتهم على ذلك، كأعطني بهذا الدرهم ونحوه خبزًا، فيعطيه ما يرضيه مع سكوته، أو يساومه (¬3) سلعة بثمن فيقول: خذها، أو هي لك ونحو ذلك.
(و) كذا نحو هبة وهدية وصدقة (بإيجاب) كقول بائع: بعتك كذا، وملكتك كذا ونحو ذلك، (وقبول) كقول مشتر: قبلت ذلك، ونحوه، وصح تقدم إيجاب على قبول بلفظ أمر وماض مجرد عن استفهام، كقول مشتر بعني أو اشتريت منك كذا بكذا، فيقول: بعتك، أو بارك اللَّه لك.
وصح تراخي أحدهما عن الآخر ماداما في المجلس، ولم يشتغلا بما يقطع البيع عرفًا, وإنما ينعقد (بسبعة شروط):
أحدها: (الرضا) فإن أكرها أو أحدهما بغير حق لم يصح، لحديث "إنما البيع عن تراض" (¬4).
والثاني: الرشد (و) هو (كون عاقد جائز التصرف)، أي: حرًّا مكلفًا رشيدًا، فلا يصح من مجنون مطلقًا، ولا من سفيه وصغير، لأنه قول
¬__________
= (للتميك على التأبيد غير ربًا وقرض) وهذا القيد في "منتهى الإرادات" (2/ 249) و"شرحه" (2/ 140) الذي هو عمدة المؤلف، وكذا "كشاف القناع" (3/ 146). ينظر: "المطلع" (ص 227) و"الإنصاف" (11/ 5).
(¬1) "الممتع في شرح المقنع" (3/ 8).
(¬2) كقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} ولم ينقل عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا عن أصحابه -مع كثرة وقوع البيع بينهم- استعمال الإيجاب والقبول.
ينظر: "الشرح الكبير" (11/ 13).
(¬3) السوم: طلب المبيع بالثمن الذي تصور به البيع. ينضر: "التوقيف" (ص 419).
(¬4) أخرجه ابن ماجه في التجارات باب بيع الخيار (2/ 737)، عن أبي سعيد الخدري، وقال البوصيري: إسناده صحيح ورجاله موثقون.

الصفحة 656