كتاب الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات (اسم الجزء: 1)
(و) حُرِّم عليه -أيضًا- (لبث في مسجد بغير وضوء) لقوله تعالى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} (¬1) وهو الطريق. وعن جابر: كان أحدنا يمر في المسجد جنبًا مجتازًا. رواه سعيد بن منصور (¬2). وسواء كان المرور لحاجة أم لا. ومن الحاجة كونه طريقًا قصيرًا. لكن كره أحمد اتخاذه طريقًا (¬3).
وأما المتوضئ، فيجوز له اللبث فيه، لما روي عن عطاء بن يسار قال: رأيت رجالًا من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤا وضوء الصلاة (¬4). إسناده صحيح، قاله في "المبدع" (¬5).
¬__________
= منه. ينظر: "التلخيص الحبير" (1/ 147)، وقال الحافظ في "الفتح" (1/ 408): رواه أصحاب السنن، وصححه الترمذي وابن حبان. وضعف بعضهم بعض رواته، والحق أنه من قبيل الحسن يصلح للحجة. اهـ وقد خالفهم غيرهم، فقال الشافعي: أهل احديث لا يثبتونه. وقال الخطابي: كان أحمد يوهم هذا الحديث. وقال النووي في "الخلاصة": خالف الترمذي الأكثرون فضعفوا هذا احديث. ينظر: "التلخيص الحبير" (1/ 147) وهو الصحيح، لأن مدار احديث على عمرو بن مُرَّة عن عبد اللَّه بن سلمة عن علي. وابن سَلِمَة تغير حفظه في آخر عمره، ولم يدركه عمرو إلا بعد ذلك. ينظر: "المنتقى" لابن الجارود (ص 52، 53) و"مختصر السنن" للمنذري (1/ 156) و"إرواء الغليل" (2/ 241).
(¬1) سورة النساء، الآية: 43.
(¬2) ينظر: "المنتقى من أخبار المصطفى" للمجد ابن تيمية (1/ 141). وسعيد بن منصور هو: ابن شعبة، أبو عثمان المروزي، ويقال: الطالقاني، ثم البلخي. صاحب "السنن" الحافظ الإمام الحجة، ذكر عند الإمام أحمد فأحسن الثناء عليه وفخَّم أمره. مات بمكة في رمضان سنة 227 هـ وهو في عُشر التسعين. ينظر: "تذكرة الحفاظ" (2/ 416).
(¬3) ينظر: "الإنصاف" (2/ 113).
(¬4) سعيد بن منصور في "سننه" -كما في "المنتقى"- للمجد (1/ 141، 142)، قال ابن كثير في "تفسيره" (1/ 502): إسناده صحيح على شرط مسلم. اهـ.
(¬5) (1/ 189).