كتاب المنهج الحركي للسيرة النبوية (اسم الجزء: 2)

عن الجهاد والنفاق، وسورة آل عمران تعري كل المخططات المشبوهة، وتعالج كل الشبهات المبثوثة، وتفسح المجال رحبا أمام التوبة.
هـ - تآمرهم مع بني النضير:
يقول ابن إسحاق: وقد كان رهط من بني عوف بن الخزرج منهم عبد الله بن أبي بن سلول ووديعة ومالك ابن أبي قوقل وسويد وداعس قد بعثوا إلى بني النضير، أن اثبتوا وتمنعوا، فإنا لن نسلمكم، إن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن أخرجتم خرجنا معكم، فتربصوا ذلك من نصرهم فلم يفعلوا، وقذف الله في قلوبهم الرعب، وسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجليهم ويكف عن دمائهم، على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة (¬1). ففعل (¬2)).
ويحدثنا القرآن الكريم عن هذه الحادثة، وذلك في قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون (¬3)}.
إن الصورة لتختلف تماما اليوم عنها في أحد، فلئن كان التحدي سافرا في أحد، فلقد خنسوا اليوم وراحوا يعملون في الخفاء كخفافيش الظلام، لم يعودوا يملكون القوة على المواجهة، ولا القوة على التحدي، إنما يتآمرون من وراء الأقنعة علهم ينتصرون مع حلفائهم اليهود على المسلمين، فهم يدعون بني النضير إلى الثبات في وجه المسلمين وإلى المقاومة، كما يعلنون لهم أن مددهم قادم ولا ريب في ألف من المنافقين، وقد ربطوا مصيرهم بمصيرهم، لئن أخرجتم لنخرجن معكم، وإن قوتلتم لننصرنكم. والله - صلى الله عليه وسلم - شهد إهم لكاذبون. ولئن كان عبد الله بن أبي قد استطاع أن يحافظ على حياة حلفائه بني قينقاع. فهو أعجز اليوم من أن يبدي رايا أو يتقدم بطلب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -
¬_________
(¬1) الحلقة: السيوف والسلاح.
(¬2) تهذيب السيرة ص 181.
(¬3) سورة الحشر، الآيات 11 و 12.

الصفحة 255