كتاب المنهج الحركي للسيرة النبوية (اسم الجزء: 2)

بعد تلك الخيانة السافرة في أحد. وهو في الوقت نفسه يجلل بالعار من جديد في الخيانة التي فضحها القرآن عن التآمر السري بين الفريقين، المنافقين وكفار أهل الكتاب. وكان خروج اليهود بدون سلاح وهدمهم بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين صفعة عنيفة للمنافقين، وإسقاطا ماديا ومعنويا لهم.
القرآن يتنزل، والمواقف تتوضح، والمنافقون يتعرون، ومع ذلك يبقي الإسلام ورسول الإسلام خيطا خفيا يتسلقون من خلاله إلى التوبة. فلن يوصد الباب أبدا، لكن اللعب على الحبال مكشوف، والتظاهر بالإيمان مفضوح لا يجدي، ولن يفيد إلا التوبة الصادقة الخالصة لله.
وكانت هذه الجولة الجديدة كفيلة بتداعي معسكر المنافقين، فوضح الحق واستبان السبيل لكثير منهم، وبدأوا يمسحون الغشاوة عن عيونهم فيستفيقوا من رقادهم ويؤبوا إلى حظيرة الإسلام.
و- المنانفقون يوم الأحزاب
رغم أن الحديث عن المناففين يوم الأحزاب في القرآن كان طويلا لحد ما إذا قيس بما ذكر عن غزوة الأحزاب، ومواقف المسلمين منها. لكنه يركز على معان محددة وواضحة فيهم تؤكد ضآلة حجمهم وتفاهة تخطيطهم. يقول تعالى عنهم في سورة الأحزاب: {وإذ يقول المنافقون والذين في قلويهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لأتوها وما تلبثوا بها الا يسيرا ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد الله مسؤولا قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخواخهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير

الصفحة 256