كتاب المنهج الحركي للسيرة النبوية (اسم الجزء: 2)

أقتله، لأرعدت له أنوف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته، قال عمر: قد والله علمت لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعظم بركة من أمري).
ح - المنافقون وحديث الإفك
الذي يتبادر إلى الذهن أن حديث الإفك كله هو من صنع المنافقين، وأنهم هم الذين خاضوا فيه غير أن النص القرآني واضح في أن الذي جاء بالإفك فريق من المؤمنين. {إن الذين جاؤوا بالافك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم .. (¬1)} والآيات المتتالية تناقش المؤمنين الذين خاضوا فيه. {.. ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا (¬2)}. لكن دور المنافقين كان في تأجيج هذا الحدث ونشره. فقد أشارت عائشة رضي الله عنها إلى أن الذي تولى كبره هو عبد الله بن أبي حيث تقول: (وكان كبر ذلك عند عبد الله بن أبي بن سلول في رجال من الخزرج الذي قال مسطح وضمنه). وتصف عائشة رضي الله عنها انتشار الخبر فتقول: (.. فلما اطمأنوا طلع الرجل يقود بي. فقال أهل الإفك ما قالوا، فارتعج العسكر والله ما أعلم بشيء من ذلك ..).
وما كان المنافقون ليجرؤوا على بث هذا الحديث والخوض فيه بعد الفضيحة التي نالتهم بعد التعرية التي نزلت بابن أبي. لكن انتشار الحديث واستفاضته في الصف الإسلامي جعل المجال رحبا لهم أن يدسوا أنوفهم فيه، ويشعلوا النار من خلف الستار. ولعل عبد الله بن أبي وحده هو الذي برز من خلال النص أنه تولى كبره. ومعه ثلاثة من الصف الإسلامي الخالص. حسان بن ثابت، شاعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وممن قال له رسول الله: أهجهم وروح القدس معك ومسطح بن أثاثة، وهو من المهاجرين، وممن شهد بدرا. وابن خالة عائشة رضي الله عنها ومن المقيمين في بيت أبي بكر رضي الله عنه. وحمنة بنت حجش، ابنة عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وزوج شهيد الإسلام العظيم مصعب بن عمير.
¬_________
(¬1) سورة النور من الآية 11.
(¬2) سورة النور من الآية 12.

الصفحة 280