كتاب المنهج الحركي للسيرة النبوية (اسم الجزء: 2)

أن يكون حليفا للمؤمنين من خلال قبيلته. (إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته).
وفي هذا التجمع الصغير لا يترك الأمر دون تنظيم، ولا يضار المجتمع كله بعد وإن كان واحدا من أفراده. وذكر الميثاق الحقوق المماثلة ليهود بني عوف وليهود بقية القبائل كاملة، ثم اعتبر بطانة يهود كأنفسهم وذلك ضمن الأطر العامة التالية:
1 - (وإن البر دون الأثم).
2 - (وإنه لا يخرج أحد منهم إلا بإذن محمد - صلى الله عليه وسلم -.
3 - (وإنه لا ينحجز ثأر على جرح).
4 - (وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين).
النوع الثاني: ويعالج وضع التجمعات اليهودية الكبيرة، وهو أقرب ما يكون لأن يمثل الحلف السياسي. فاليهود هنا تجمعات كبيرة ضخمة، احتاج إنهاؤهم عندما نقضوا العهد إلى حروب وحصار، لهم سلطانهم الخاص وأراضيهم وقلاعهم وبيوتهم. وبالرغم من أن البنود قصيرة جدا وهي تخصهم بالذات، لكنها ذات أهمية خاصة (وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين) فهو النص السابق نفسه من حيث النفقة للتجمعات الصغيرة. (وأن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم) إذ رأينا من قبل أن التجمعات اليهودية الصغيرة تشارك بمقدار ما يلحقها في كيان قبيلتها العام. أما هنا فالتجمعات اليهودية الضخمة تشارك في النفقات بما يوازي ويناسب نفقات المسلمين جميعا من قريش ويثرب. فعلى اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم (وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة). ومع أنه لم يكن بين قريش واليهود أدنى ثارات قديمة أو دماء أو خلاف، لكن قريشا حين تهدد المسلمين فهي بهذا تهدد يثرب كلها. ومن أجل هذا عليهم أن يلبوا طلب قيادة المدينة حين تطلب منهم ذلك، وكان بالإمكان أن يمضي هذا الأمر طيلة العهد النبوي بعد أن أخذ شرعية وجوده من التعاقد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. لكن اليهود وطبيعتهم الأساسية في نقض المواثيق طغت عليهم. فتم عقابهم على ضوء نقضهم لهذه المواثيق. وسنعالج وضعهم بالتفصيل.

الصفحة 282