كتاب المنهج الحركي للسيرة النبوية (اسم الجزء: 2)

واستطرد السياق أحيانا إلى صور من حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحياة أصحابه في مكة، وهم قلة مستضعفون في الأرض، يخافون أن يتخطفهم الناس. ذلك ليذكروا فضل الله عليهم في ساعة النصر، ويعلموا أنهم إنما سينصرون بنصر الله وبهذا الدين الذي آثروه على المال والحياة، وإلى صور من حياة المشركين قبل هجرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعدها وإلى أمثلة من مصائر الكافرين من قبل كدأب آل فرعون والذين من قبلهم لتقرير سنة الله التي لا تتخلف في الانتصار لأوليائه والتدمير على أعدائه (¬1).
وإن كان الشهيد سيد قد قدم لنا وصفا حيا عن السورة فسأكتفي بعرض هذه الخطرات من خلال السورة الكريمة ومن وحيها:
1 - لكل أمة نشيد، ونشيدنا نحن الأمة المسلمة سورة الأنفال، فلقد تجاوزت هذه السورة الزمان والمكان، وصارت نشيد المسلمين قبل أية معركة يخوضونها، يتلوها الجيش المسلم كله بصوت واحد. يجأر فيها بالدعاء إلى الله، أن ينزل نصره المؤزر كما أنزل في بدر، وتعلن كتائب الإيمان قبل خوضها المعركة براءتها هن حولها وقوتها وضعفها وعجزها وإيوائها إلى الركن الشديد إلى الله رب العالمين {فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون}.
2 - لقد افتتحت السورة الكريمة بعتاب لصفوة الله من خلقه. لخير أهل الأرض، للذين قال الله تعالى فيهم: (اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) وبلغ العتاب من الشدة والعنف ما جعلهم يخافون على إيمانهم.
{يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم}.
¬_________
(¬1) في ظلال القرآن مقتطفات من ص 784 - 794. ط دار إحياء التراث العربي.

الصفحة 430