كتاب حجية خبر الآحاد في العقائد والأحكام - محمد جميل مبارك

على حجية خبر الواحد، كما نجد عند ابن عبد البر في التمهيد، وعند النووي في "شرح مسلم"، وعند الحافظ ابن حجر في "فتح الباري".
فلا يتركون فرصة لإثبات حجية خبر الواحد من خلال شرح الأحاديث إلا انتهزوها، فابن عبد البر مثلا يجعل من فقه حديث أم سلمة (1) : "إيجاب العمل بخبر الواحد الثقة ذكراً كان أو أنثى، وعلى ذلك جماعة أهل الفقه والحديث وأهل السنة، ومن خالف ذلك فهو عند الجميع مبتدع ... " (2) .
والنووي وابن حجر جعلا مِنْ فقه حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قبول خبر الواحد والعمل به.
أما الأصوليون فقد أبلَوا البلاء الحسن في الدفاع عن السنة، وعن خبر الآحاد خاصة، وقد عبر إمام الحرمين عن حسن بلائهم بقوله: "وقد أكثر الأصوليون، وطوَّلوا أنفاسهم في طرق الرد على المنكرين" (3) .
ولم يغفل المفسرون استثمار بعض الآيات لتثبيت حجية خبر الواحد، كالآيات التي استدل بها جمهور العلماء على حجية خبر الواحد (4) ، والتي سيأتي بعضها في المبحث الثالث.
__________
(1) وهو حديث: أن رجلاً قَبَّل امرأته وهو صائم في رمضان، فوجد من ذلك وجداً شديداً، فأرسل امرأته تسأل له عن ذلك، فدخلت على أم سلمة فذكرت ذلك لها، فأخبرتها أم سلمة أن رسول الله (يقبل وهو صائم، فرجعت فأخبرت زوجها بذلك ... الحديث بطوله.
(2) التمهيد 5/115.
(3) البرهان 1/600.
(4) انظر مثلا: روح المعاني 26/146 وقارن بأحكام القرآن للجصاص 5/279.

الصفحة 14