كتاب حجية خبر الآحاد في العقائد والأحكام - محمد جميل مبارك

كالرازي والآمدي والكلوذاني، وحاولوا أن يجيبوا عنها (1) ، ولذلك قال الحافظ ابن حجر تعليقاً على استدلال البخاري بقوله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] "وهذا الدليل يورَد للتَقوِّي لا للاستقلال؛ لأن المخالف قد لا يقول بالمفاهيم" (2) .
وهذا ما دفع آخرين إلى الإحجام عن الاستدلال بها كالجويني والغزالي.
الأدلة من السنة:
أدلة تثبيت حجية خبر الآحاد كثيرة في السنة النبوية، واستقصاؤها غير لازم هنا منهجياً، وسأورد منها ما لعله يفي بالغرض.
الدليل الأول: حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: "بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ أتاهم آت فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه قرآن، وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة" (3) .
وقد استدل بالحديث على حجية خبر الواحد الإمامان الشافعي والبخاري، وأفاض الشافعي في بيان وجه الاستدلال بالحديث على المطلوب، وخلاصته: أن أهل قباء أهل سابقة في الإسلام، وأهل فقه، ولم
__________
(1) انظر: المحصول للرازي 2/1/509 وما بعدها، والإحكام للآمدي 2/56 وما بعدها، والتمهيد للكلوذاني 3/46 وما بعدها.
(2) فتح الباري 13/234.
(3) أخرجه الإمام الشافعي في الرسالة ص 123 – 124 – 406 والبخاري في كتاب خبر الواحد باب ما جاء في إجازة خبر الواحد… وغيرهما.

الصفحة 18