كتاب حجية خبر الآحاد في العقائد والأحكام - محمد جميل مبارك

دليل الإجماع:
إجماع الصحابة من أقوى الأدلة على وجوب العمل بخبر الواحد، إذ لم يكن يثبت عن أحد منهم أنه رفض قبول خبر الواحد من حيث هو كذلك، حتى إن الأصوليين أكدوا أن "إجماعهم على العمل بخبر الواحد منقول تواتراً" (1) والتواتر دليل قطعي لا يتطرق إليه شك، وقد رويت وقائع كثيرة جداً تدل على أنهم جميعاً يقبلون خبر الواحد ويعملون به.
ومن هذه الوقائع الكثيرة: اعتماد أبي بكر الصديق رضي الله عنه على خبر الواحد في توريث الجدة السدس (2) .
ومنها: ما صح عن سعيد بن المسيب "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول: الدية للعاقلة، ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئا حتى أخبره الضحاك بن سفيان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من ديته، فرجع إليه عمر" (3) .
ومثله: ما روى طاوس أن عمر قال: "أذكر الله امرأ سمع من النبي صلى الله عليه وسلم في الجنين شيئاً؟ فقام حمل بن مالك بن النابغة فقال: كنت بين جارتين لي –يعني ضرتين- فضربت إحداهما الأخرى بمسطح، فألقت جنيناً ميتاً، فقضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغرة فقال عمر: لو لم أسمع فيه لقضينا بغيره" (4) .
__________
(1) البرهان للجويني 1/600.
(2) انظر الحديث في جامع الترمذي كتاب الفرائض باب ما جاء في ميراث الجدة، وفي غيره.
(3) أخرجه الشافعي في الرسالة ص 426 وانظر أيضاً: الأم 6/77.
(4) الرسالة ص 427.

الصفحة 21