كتاب حجية خبر الآحاد في العقائد والأحكام - محمد جميل مبارك

ومن القرائن التي أوردها الحافظ، ويفيد بها خبر الواحد العلم النظري: إخراج الشيخين لخبر الواحد، ونسب القول بإفادة ما أخرجه الشيخان للعلم النظري للأستاذ أبي إسحاق الأسفراييني، وأبي عبد الله الحميدي وأبي الفضل بن طاهر (1) .
ومنها: تعدد طرق خبر الواحد مع سلامتها مِنْ ضعف الرواة والعلل.
ومنها: اشتراك أئمة حفاظ متقنين في رواية خبر الواحد.
وهذه القرائن التي ذكرها الحافظ أولى من القرائن التي أوردها بعض الأصوليين كقرينة إخبار رجل بموت ولده المشرف على الموت مع قرينة البكاء وإحضار الكفن والنعش (2) .
ثانيهما: أنه يفيد العلم الظاهر، وقد نسب الحافظ ابن عبد البر هذا القول إلى قوم كثير من أهل الأثر وبعض أهل النظر (3) .
غير أن قيد العلم بالظاهر مما يصعب تحديده وضبطه، ولذلك أوَّله بعض العلماء ليوافق رأي جمهور الأصوليين والفقهاء أن خبر الواحد لا يفيد إلا الظن كما سيأتي، فالإمام الغزالي في "المستصفى" يفسر العلم الظاهر عند من قال به من المحدثين بأنه يعود إلى الظن؛ لأنَّ العلم ليس له ظاهر وباطن، وإنما هو الظن (4) .
__________
(1) نزهة النظر ص 27.
(2) انظر مثلا جمع الجوامع بحاشية العطار 2/157.
(3) التمهيد 1/8.
(4) المستصفى 1/145.

الصفحة 49