كتاب الكافية الشافية - ت العريفي وآخرون ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وما يجوز له وما يمتنع عليه. والمصيبة العظمى ان هذا السفيه يظن انه بعقله
وفكره وما يستعمله من مقدمات ونتائج يتوصل إلى ما لم يصل إليه الاوائل
السابقون من سلف الامة و ئمتها، فهو من <الذين ضل سعيهتم فى لمجؤه ا ئيا وئم
يخسبون ا! م تحسنون سبغا *> [الكهف: 104]، ولقد حاط الله تعالى أكثر
هؤلاء بالخسران في الدنيا قبل الاخرة، فزلت بهم الاقدام، وضقت الافهام،
وتردوا في مهاوي الفلال على رووس الانام، وذلك انهم عظموا علم
الكلام، وظنوا أنهم به يحلون الطلاسم ويفوزون بالكنوز.
ويكفي دلالة على ضلالهم وسوء حالهم ان أحدهم يتكلم الكلام الطويل في
تقرير مسالة او جواب خصم ثم لا يستشهد في كلامه باية ولا حديث وإنما
يدور كلامه على الهيولى والصورة والعرض والجوهر. . وقرر أرسطو وخالفه
إفلاطون وقال سقراط إ! ويرى نفسه بذلك من خاصة الخاصة، ويدع كلام الله
ورسوله للعوام.
وعامة عقلاء هؤلاء إذا وصلوا إلى منتهاه من علم الكلام والبحث والنطر
وحل ما يسميه بالطلاسم لم يملكوا إلا الرجوع إلى هدي الكتاب والسنة
والوقوف عند حدود الله.
كما قال أبو حامد الغزالي (ته 50 هـ): "ولم يكن علم الكلام في حقي
كافيل، ولا لدائي الذي كنت أشكو منه شافيا، ولم يكن في كتب المتكلمين
إلا كلمات معقدة مبددة، ظاهرة التناقض والفساد". المنقذ من الضلال
للغزالي ص ه 1 - 17.
ومن كبار المتكلمين أيضا الفخر الرازي (ت 606 هـ) الذي زل في مهاوي
التأويل والتعطيل، حتى إنه قال في تقديمه لكتابه "أساس التقديس " ص 9:
"الحمد لله. . المتعالي عن شوائب التشبيه والتعطيل، صفاته وأسماوه،
فاستواوه: قهره و ستيلاوه، ونزوله: بره وعطاوه، ومجيئه: حكمه وقضاؤه،
ووجهه: جوده وحباؤه، وعينه: حفظه واجتباوه، وضحكه: عفوه أو إذنه
وارتضاوه، ويده: إنعامه. . ." إلخ ما قال من التأويل والتعطيل، وكتبه مليئة
بما هو اطم من هذا و عظم، وقد قال عند موته: "لقد تأملت الطرق -
145

الصفحة 145