كتاب الكافية الشافية - ت العريفي وآخرون ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
أطال الناظم - رحمه الله تعالى - النفس في كتابه (الصواعق) في إبطال
المجاز، وذكر في ذلك نحوا من خمسين وجها، ولكن ظاهر كلامه في
هذه الابيات: التفصيل في مسألة المجاز، وهو أن الاصل في النصوص
حملها على الحقيقة ما لم تقم ضرورة من حس وبرهان توجب صرفها إلى
المجاز. ويمكن الجمع بين كلامه هنا وكلامه في الصواعق بأحد مرين:
الأول: أنه لما كان في كتابه الصواعق في معرض الرد على نفاة الصفات
الذين اتخذوا من (المجاز) مطية لهم في إنكار حقائق الاسماء والصفات
للباري عز وجل، اشتد نكيره عليهم وابطاله لتلك المطية التي اتخذوها؛
لذلك قال هناك: (فصل في كسر الطاغوت الثالث الذي وضعته الجهمية
لتعطيل حقائق الاسماء والصفات وهو طاغوت المجاز). أما كلامه هنا
فعلى النصوص عامة لا اختصاص فيه بنصوص الصفات، فيكون محمولا
على غير نصوص الصفات، لذلك لما قرر مذهب السلف في الاسماء
والصفات قبل هذه الابيات بقليل لم يشر إلى تطرق المجاز والتأويل
لنصوصها ولا لبعضها.
1 لثافي: ان يكون سمى ذلك الصرف لظاهر النص عند وجود الضرورة
مجازا من باب التنزل، وإلا فقيام تلك الضرورة في صرف النص عن
ظاهره حمل للنص على حقيقته التي فهمت منه مع وجود تلك الضرورة.
فإن اللفط يكون فيه من التركيب والاضافة، ويحيط به من القرائن ما يدل
على مراد المتكلم حقيقة. انظر: مختصر الصواعق 274/ 2، شرح النونية
للهراس 423.
ومما يوضح كلام الناظم في هذه الابيات ما قاله في بدائع الفوائد: (المجاز
والتأويل لا يدخل في المنصوص، وانما يدخل في الظاهر المحتمل له،
وهنا نكتة بديعة ينبغي التفطن لها - وهي أن كون اللفظ نصا يعرف بشيئين:
احدهما: عدم احتماله لغير مععاه وضعا كالعشرة.
والثاني: ما اطرد استعماله على طريقة واحدة في جميع موارده، فانه نص
في معناه لا يقل تأويلا ولا مجازا، وإن قدر تطرق ذلك إلى بعض أفراده،=
631