كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 1)

والنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كان يحرص على هذه الليلة لما جعل الله فيها من الفضل والأجر، فمما خصَّها الله به أنها خير من ألف شهر، قال تعالى: {لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: ٣]، أي العبادة فيها خير من عبادة ثلاثة وثمانين عامًا وبضعة أشهر.
ومنها: أنه نزل فيها القرآن العظيم، قال تعالى: {إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} [الدخان: ٣] وقال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ} [القدر: ١] أي القرآن.
ومنها: أنه يكثر نزول الملائكة فيها لكثرة الخيرات والبركات، قال تعالى: {تَنَزَّلُ المَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ} [القدر: ٤ - ٥].
ومنها: أن الله يغفر لمن قامها إيمانًا واحتسابًا؛ فعن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (¬١).
وقد أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة عندما سألته: أرأيت إن علمتُ أيُّ ليلةٍ ليلةُ الْقَدرِ، ما أقولُ فيها؟ قال: «قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» (¬٢).

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
---------------
(¬١) صحيح البخاري برقم (٢٠٠٩)، وصحيح مسلم برقم (٧٥٩).
(¬٢) سنن الترمذي برقم (٣٥١٣) وقال: حديث حسن صحيح.

الصفحة 106