كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 2)

الكلمة السابعة والثلاثون: شرح حديث: «بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ»
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وبعد:
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» (¬١).
هذا الحديث اشتمل على حكم عظيمة، وجمل نافعة، ينبغي أن نقف عندها وقفة تأمل وتدبُّر، وقد شرحه الحافظ ابن رجب الحنبلي في رسالة صغيرة اختصرت كلامه فيها في هذه الكلمة:
قوله: «بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ» يعني أن الله بعثه داعيًا إلى توحيده بالسيف بعد دعائه بالحجة، فمن لم يستجب إلى التوحيد بالقرآن والحجة والبيان دُعي بالسيف، قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الحَدِيدَ فِيهِ بَاسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحديد: ٢٥]، وفيه إشارة إلى قرب
---------------
(¬١) مسند الإمام أحمد (٢/ ٩٢). وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء (١٥/ ٥٠٩): إسناده صالح.

الصفحة 207