كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 2)
مالك بن أهيب القرشي الزهري المكي، وله قرابة من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو من بني زُهرة، وأُم النبي - صلى الله عليه وسلم - آمنة بنت وهب زُهرية، وهي ابنة عم أبي وقاص» (¬١).
روى الترمذي في سننه من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «هَذَا خَالِي فَلْيُرِنِي امرُؤٌ خَالَهُ» (¬٢).
قالت عائشة بنت سعد: كان أبي قصيرًا دحداحًا، غليظًا، ذا هامة، وجاء في بعض الروايات أنه كان يميل إلى السمرة.
روى مسلم في صحيحه من حديث مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ - رضي الله عنه -: أَنَّهُ نَزَلَتْ فِيهِ آيَاتٌ مِنَ الْقُرْآنِ، قَالَ: حَلَفَتْ أُمُّ سَعْدٍ أَنْ لَا تُكَلِّمَهُ أَبَدًا حَتَّى يَكْفُرَ بِدِينِهِ، وَلَا تَاكُلَ وَلَا تَشْرَبَ. قَالَتْ: زَعَمْتَ أَنَّ اللهَ وَصَّاكَ بِوَالِدَيْكَ، وَأَنَا أُمُّكَ، وَأَنَا آمُرُكَ بِهَذَا. قَالَ: مَكَثَتْ ثَلَاثًا حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهَا مِنَ الْجَهْدِ، فَقَامَ ابْنٌ لَهَا يُقَالُ لَهُ: عُمَارَةُ فَسَقَاهَا، فَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَى سَعْدٍ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل فِي الْقُرْآنِ هَذِهِ الآيَةَ: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: ١٥] إلخ الآية (¬٣).
وفي رواية أنه قال: يَا أُمَّهْ، تَعلَمِينَ واللهِ لَوْ كَانَتْ لَكِ مِئَةُ نَفْسٍ، فَخَرَجَتْ نَفْسًا نَفْسًا، مَا تَرَكْتُ دِيني هذا، فَإِنْ شِئْتِ فَكِلِي، وَإِنْ شِئْتِ لَا تَاكُلِيِ، فَأَكَلَتْ (¬٤).
وقد كانت لسعد مواقف عظيمة، تدل على شجاعته ونصرته لهذا الدين، فمن ذلك ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من
---------------
(¬١) سير أعلام النبلاء (١/ ٩٢ - ٩٣).
(¬٢) سنن الترمذي برقم (٣٧٥٢)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (٣/ ٢٢٠) برقم (٢٩٥١).
(¬٣) صحيح مسلم برقم (١٧٤٨).
(¬٤) ابن أبي حاتم برقم (١٧١٦٤).