كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 3)
النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما كان الإسلام غريبًا، وذلك بصبرهم عليه حال الغربة، روى مسلم في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بَدَأَ الإِسْلَامُ غَرِيْبًا، وَسَيَعُوْدُ غَرِيْبًا كَمَا بَدَأَ، فَطُوْبَى لِلغُرَبَاءِ» (¬١)، وجاء في الحديث الآخر أنهم: «أُنَاسٌ صَالِحُونَ فِي أُنَاسِ سَوْءٍ كَثِيرٍ، مَنْ يَعْصِيهِمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُمْ» (¬٢)، وذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن القابض على دينه في آخر الزمان كالقابض على الجمر، روى الطبراني في معجمه الكبير من حديث عتبة بن غزوان أخي بني مازن بن صعصعة وكان من الصحابة أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ مِنْ وَرَاءِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ، المُتَمَسِّكُ فِيهِنَّ يَوْمَئِذٍ بِمِثْلِ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ لَهُ كَأَجْرِ خَمْسِينَ مِنْكُمْ» قالوا: يا نبي الله أَوَمِنْهُم، قال: «بَلْ مِنْكُمْ» (¬٣).
وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما ذكر ما يحصل في آخر الزمان من الفتن، قال: «المُتَمَسِّكُ يَوْمَئِذٍ بِدِينِهِ كَالقَابِضِ عَلَى الجَمْرِ أو قال: عَلَى الشَّوْكِ» (¬٤).
فأوصي نفسي، وإخواني بالثبات على ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، والصبر على ذلك قال تعالى: {وَالعَصْرِ * إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَاّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: ١ - ٣]، وقال تعالى: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ} [يونس: ١٠٩]، وقال تعالى: {وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: ٨٣]، ولا شك أن المسلم في هذه الأزمنة يواجه فتن
---------------
(¬١) برقم (١٤٥).
(¬٢) قطعة من حديث في مسند الإمام أحمد (١١/ ٢٣١) برقم (٦٦٥٠) وقال محققوه: حديث حسن لغيره.
(¬٣) سبق تخريجه.
(¬٤) سبق تخريجه.