كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 1)

زاد الترمذي: «وَعُدَّ نَفْسَكَ مِن أَهْلِ الْقُبُورِ» (¬١).
قال ابن رجب: وهذا الحديث أصل عظيم في قصر الأمل، وأنه لا ينبغي للمؤمن أن يتخذ هذه الدنيا وطنًا ومسكنًا، وإنما يكون حاله فيها كأنه على جناح سفر يهيئ جهازه للرحيل (¬٢).
ودخل رجل على أبي ذر فجعل يقلب بصره في بيته، فقال: يا أبا ذر! أين متاعكم؟ فقال: إن لنا بيتًا نتوجه إليه، فقال: إنه لابد لك من متاع ما دمت ها هنا، قال: إن صاحب البيت لا يدعنا فيه (¬٣).
عن الحسن لما احتضر سلمان الفارسي - رضي الله عنه -: بكى وقال: إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَهِدَ إِلَيْنَا عَهْدًا فَتَرَكْنَا مَا عَهِدَ إِلَيْنَا: أَنْ يَكُونَ بُلْغَةُ أَحَدِنَا مِنَ الدُّنْيَا كَزَادِ الرَّاكِبِ. قَالَ: ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَا تَرَكَ، فَإِذَا قِيمَةُ مَا تَرَكَ بِضْعَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا أَوْ بِضْعَةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا (¬٤).
فعلى العاقل أن يغتنم أيام حياته، فما يدريه لعله لم يبق له منها إلا يسير.
قال ابن القيم رحمه الله: «ما مضى من الدنيا أحلام، وما بقي منها أماني، والوقت ضائع بينهما» (¬٥).
روى الترمذي في سننه من حديث عبد اللَّه بن عمرو قال: مرَّ عَلَينَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نُعَالِجُ خُصًّا (¬٦) لَنَا فَقَالَ: «مَا هَذَا؟ ».
---------------
(¬١) سنن الترمذي برقم (٢٣٣٣)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (٢/ ٢٧٢) برقم (١٩٠٢).
(¬٢) جامع العلوم والحكم (ص: ٣٧٧).
(¬٣) جامع العلوم والحكم (ص: ٧٧٣).
(¬٤) مسند الإمام أحمد (٥/ ٤٣٨)، وصححه ابن حبان (٢٤٨٠).
(¬٥) نقلاً عن كتاب نضرة النعيم (١٠/ ٤٨٦٥).
(¬٦) الخص: بيت يعمل من الخشب والقصب "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٢/ ٣٧).

الصفحة 59