كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 1)

قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ» (¬١).
ويوم القيامة تتجلى هذه الفضائل لقارئ القرآن، فيشفع لقارئه ويعلو به في مراتب الجنة على قدر قراءته.
روى مسلم في صحيحه من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ يَاتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ» (¬٢).
وروى الترمذي في سننه من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَا وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَأُ بِهَا» (¬٣).
وإن من عجيب حال الكثيرين منا: تقصيرهم في تلاوة كتاب ربهم وتدبره والعمل به، مع علمهم بفضله وأجره.
قال أمير المؤمنين عثمان - رضي الله عنه -: لَو طَهُرَت قُلُوبُنَا لَمَا شَبِعَت مِن كَلَامِ اللهِ عز وجل. ولهذا المعنى أشار تعالى بقوله: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ} [التوبة: ١٢٤ - ١٢٥].
فالآيات بينت حال المؤمنين، وحال المنافقين عند سماع القرآن وتلاوته، فليحذر المسلم أن يكون من ذلك الصنف الخاسر الذي لا يزيده سماع القرآن إلا خسارًا.
---------------
(¬١) صحيح البخاري برقم (٤٩٣٧)، وصحيح مسلم برقم (٧٩٨) واللفظ له.
(¬٢) صحيح مسلم برقم (٨٠٤).
(¬٣) سنن الترمذي برقم (٢٩١٤)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

الصفحة 65