كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 3)
عثمان بن عامر بن عمرو القرشي، وقد أجمعت الأمة على تسميته بالصديق؛ لأنه بادر إلى تصديق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد وصفته ابنته عائشة فقالت: «كان أبي أبيض نحيفًا خفيف العارضين، منحني الظهر قليلاً، غائر العينين.
وقد وردت أحاديث تدل على فضله ومكانته، وأنه أفضل هذه الأمة بعد نبيها - صلى الله عليه وسلم -، فمن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين من حديث عائشة في مرضه الذي مات فيه: «ادْعِي لِي أَبَا بَكْرٍ أَبَاكَ وَأَخَاكِ، حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ، وَيَقُولَ قَائِلٌ: أَنَا أَوْلَى، وَيَابَى اللهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَاّ أَبَا بَكْرٍ» (¬١).
قال العلماء: وفي هذا الحديث دلالة على أن الصديق أفضل الصحابة على الإطلاق، وأحقهم بالخلافة، وأولاهم بإمامة المسلمين.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي مَالِهِ وَصُحْبَتِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلَامِ، لَا تُبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَاّ خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ» (¬٢).
وروى الترمذي في سننه من حديث أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا لأَحَدٍ عِنْدَنَا يَدٌ إِلَاّ وَقَدْ كَافَيْنَاهُ مَا خَلَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا يَدًا يُكَافِئُهُ اللهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَا نَفَعَنِي مَالُ أَحَدٍ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي
---------------
(¬١) برقم (٥٦٦٦)، وصحيح مسلم برقم (٢٣٨٧) واللفظ له.
(¬٢) البخاري برقم (٣٩٠٤)، ومسلم برقم (٢٣٨٢).