كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 3)

وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها من أفضل الأيام، وأن العمل الصالح فيها أعظم من غيرها، روى البخاري والترمذي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ»، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَاّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» (¬١).
وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمَ عِنْدَ اللهِ، وَلَا أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ، مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ التَّهْلِيلَ وَالتَّكْبِيرَ وَالتَّحْمِيدَ» (¬٢).
وفي هذه الأيام العشر يوم عرفة، ويوم النحر، ويوم القر، وهي من أعظم الأيام عند الله، روى أبو داود في سننه من حديث عبد الله بن قرط: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ» (¬٣) (¬٤).
وروى مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟ » (¬٥).
فهو يوم المغفرة والعتق، وصومه يكفر سنتين، روى مسلم والترمذي من حديث أبي قتادة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ: إِنِّي أَحْتَسِبُ
---------------
(¬١) صحيح البخاري برقم (٩٦٩)، وسنن الترمذي برقم (٧٥٧) واللفظ له.
(¬٢) (٩/ ٣٢٣ - ٣٢٤) برقم (٥٤٤٦)، وقال محققوه: حديث صحيح.
(¬٣) يوم القر: هو اليوم الحادي عشر من ذي الحجة.
(¬٤) برقم (١٧٦٥) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (١/ ٣٣١) برقم (١٥٥٢).
(¬٥) برقم (١٣٤٨).

الصفحة 814