كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 3)

العلمُ ما كان فيه قال حدثنا ... وما سِوى ذَاكَ وسْوَاسُ الشَّياطِين

وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من علامات الساعة أن يرفع العلم، ويكثر الجهل، ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ اللهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا، يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا، وَأَضَلُّوا» (¬١).
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستعيذ بالله من علم لا ينفع، روى النسائي من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الأَرْبَعِ: مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ» (¬٢).
وروى ابن ماجة من حديث جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سَلُوا اللهَ عِلْمًا نَافِعًا، وَتَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ» (¬٣).
ويجب على المسلم أن يطلب العلم الشرعي خالصًا لوجه الله، لا من أجل منصب، أو مال، أو عرض من الدنيا، روى أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللهِ عز وجل، لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَاّ لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، يَعْنِي: رِيحَهَا (¬٤).
وروى البخاري ومسلم من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ
---------------
(¬١) البخاري برقم (١٠٠)، ومسلم برقم (٢٦٧٣).
(¬٢) برقم (٥٤٦٧) وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي (٣/ ١١٢٥) برقم (٥١١٠).
(¬٣) برقم (٣٨٤٣) وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي (٢/ ٣٢٧) برقم (٣١٠٠).
(¬٤) برقم (٣٦٦٤) وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي (٢/ ٦٩٧) برقم (٣١١٢).

الصفحة 823