كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 1)

رابعًا: أن يكون حاضر القلب حال الدعاء، مقبلاً على ربه عند مناجاته في خشوع وسكينة، موقنًا بالإِجابة.
وروى الترمذي في سننه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ادْعُوا اللهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ» (¬١).
خامسًا: تقوى الله بفعل الطاعات واجتناب المعاصي، قال تعالى: {إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} [الرعد: ١١].
قال بعض السلف: لا تستبطئ الإِجابة وقد سددت طريقها بالمعاصي.
قال الشاعر:
نَحْنُ نَدْعُو الإِلَهَ فِي كُلِّ كَرْبٍ ... ثُمَّ نَنْسَاهُ عِنْدَ كَشْفِ الكُرُوب
كَيْفَ نَرْجُو إِجَابَةً لِدُعَاءٍ ... قَدْ سَدَدْنَا طَرِيقَهَا بِالذُّنُوب

سادسًا: أن يعلم أن من أعظم موانع استجابة الدُّعاء أكل الحرام، وإن من المحزن أن كثيرًا منا لا ينتبه لهذا.
روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لَيَاتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يُبَالِي الْمَرْءُ بِمَا أَخَذَ الْمَالَ، أَمِنْ حَلَالٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ» (¬٢).
وعلى سبيل المثال ترى البعض يأخذ أموال الناس بالظلم والقوة، وبعضهم بالمكر والحيلة، ومنهم من يبخس العمال حقوقهم، وآخرون يساهمون بأموالهم في البنوك الربوية، أو يتعاطون في أموالهم وتجاراتهم
---------------
(¬١) سنن الترمذي برقم (٣٤٧٩)، وحسّنه الألباني في الأحاديث الصحيحة برقم (٥٩٤).
(¬٢) صحيح البخاري برقم (٢٠٨٣).

الصفحة 86