كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 1)

ومنها: تكفير السيئات. روى الترمذي في سننه من حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ» (¬١).
ومنها: نماء المال وزيادته، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ» (¬٢).
ومنها استظلال المؤمن في ظل صدقته يوم القيامة: روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَاّ ظِلُّهُ ... منهم: وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ» (¬٣).
ويوم القيامة يأتي العالم بعلمه، والمجاهد بجهاده، والمصلي بصلاته، والصائم بصيامه، ويأتي المتصدِّق بالعلم والجهاد والصلاة، والصيام، فهو قد طبع كتبًا للعلماء وقفًا على إخوانه المسلمين، وبنى مسجدًا يصلي فيه المسلمون، وأعان المجاهدين في سبيل الله بماله، وفطَّر الصائمين على نفقته، فيحصل له أجر هؤلاء جميعًا، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
ومنها أن الصدقة تقي العبد كثيرًا من الشرور والمصائب، قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: «وهذا شيء معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم، وأهل الأرض كلهم مقرون به؛ لأنهم جربوه، حتى لو كانت هذه الصدقة من ظالم أو كافر فإن الله يدفع عنه بها كثيرًا من الشرور والمصائب» (¬٤).
---------------
(¬١) سنن الترمذي برقم (٢٦١٦)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(¬٢) صحيح مسلم برقم (٢٥٨٨).
(¬٣) صحيح البخاري برقم (١٤٢٣)، وصحيح مسلم برقم (١٠٣١).
(¬٤) الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص: ٥٠).

الصفحة 94