كتاب التفسير الوسيط - مجمع البحوث (اسم الجزء: 2)

التفسير
70 - {لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا. . .} الآية.
أَكد الله سبحانه - قصة أَخذ العهد الوثيق على بني إسرائيل بعبادته وحده، وأَداءِ جميع أَوامره، واجتناب جميع نواهيه، وأن ينفذوا هذا بقوة، قال تعالى:
{ ... خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (¬1).
وقد أشار القرآن الكريم - عدة مرات - إِلى هذا الميثاق ونقضهم له (¬2).
وقد وردت إشارة كاملة إلى هذا الميثاق في "سفر تثنية الاشتراع" وهو أَحد أَسفار التوراة الباقية بأَيديهم (¬3)، وكلها مع ما أَشار إليه القرآن الكريم.
ولم يكتف الله - سبحانه وتعالى - بأَخذ الميثاق عليهم بل أَرسل إليهم رسلا عديدين يذَكِّرونهم به، ويَدْعونهم إليه ويُنْذِرونهم بالعقاب الأَليم، الذي ينتظرهم إذا هم عادوا إِلى نقضه , بحيث لم يبق لهم عذْرٌ في مخالفته بعد أَن أَخذه الله عليهم، ونَبَّهتهم الرسل العديدون إليه.
{كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ}:
ولكنهم لم يكتفوا بنقض الميثاق، بل كانوا يجابهون رسلهم بالتكذيب والجحود، إِذا دعَوْهم إِلى ما يخالف أَهواءَهم وشهواتهم، ولم يقتصروا على التكذيب، بل قتلوا بعض هؤُلاءِ الأنبياءِ.
والتقدير: كلما جاءَهم رسول بما يخالف أَهواءَهم، استكبروا ولجُّوا في العناد، فكذبوا فريقا من الأَنبياء، وقتلوا فريقا منهم. كما قال تعالى لهم: { ... أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} (¬4).
¬__________
(¬1) سورة الأعراف، من الآية: 171
(¬2) راجع تفسير الآيات: 83 - 87 من سورة البقرة. والآيتين: 12، 13 من سورة المائدة.
(¬3) الإصحاح: 29 - 33
(¬4) سورة البقرة، من الآية: 87

الصفحة 1123