كتاب التفسير الوسيط - مجمع البحوث (اسم الجزء: 1)

(مَالِكَ الْمُلْكِ): المُلك - بضم الميم وفتحها وكسرها - معناه: الاحتواءُ. أي الحيازة مع القدرة على التصرف. مأخوذ من: مَلَكَ الشيءَ يملكه: احتواه قادرا على حرية التصرف فيه. وهو بهذا المعنى - يطلق على: ملك الله وملك غيره. ومعنى (مَالِكَ الْمُلْكِ): صاحب السلطان والتصرف المطلق. وسيأتي لذلك مزيد بيان.
(بِيَدِكَ الْخَيْرُ): بقدرتك مَنْحُ الخير ومنعه.
(تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ): تدخله فيه، بأن يأخذ من زمن النهار فيطول.
(وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ) معناه: عكس المعنى السابق.
(وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ): أي وتكوِّن الأحياءَ من المواد الأولية التي لا حياة فيها: كالهواء والماء، والغذاء والتراب.
(وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ): وتجعل الحي يموت. فتخرجه بذلك من جنس الأحياء.
التفسير
26 - {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}:
لما بين الله - فيما تقدم - أن الدين عند الله الإسلام، وأن أهل الكتاب كانوا متفقين على أن يؤمنوا برسوله، حين يبعثه الله داعيًا إليه، لِمَا كانوا يجدونه في كتبهم من الدعوة إلى الإيمان به حين يبعث، ومن بيان أماراته التي تدل عليه، وأنهم ما اختلفوا - في شأنه - إلا بعد بعثته ودعوتهم إلى الإيمان به. وكان ذلك بغيًا منهم وحسدا - أتبع ذلك بيانَ أن الملك لله: يعز من يشاءُ ويذل من يشاء، ليكفوا عن حسد من أعزه الله بالنبوة، ويؤمنوا بدينه الذي هو دين مَنْ بيده الملك.
سبب النزول:
رَوَى الواحدي عن ابن عباس، وأنس بن مالك: أنه لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وعد أُمته ملك فارس والروم، فقال المنافقون واليهود: هيهات هيهات: من أين لمحمد ملك فارس والروم؟ هم أعز وأمنع من ذلك. ألم يكف محمدا مكةُ والمدينةُ، حتى يطمع في ملك فارس والروم؟. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وروى غير ذلك في سبب النزول.

الصفحة 544