كتاب التفسير الوسيط - مجمع البحوث (اسم الجزء: 1)

لأن النطفة مليئة بالكائنات الحية المتحركة، كما يتبين ذلك تحت آلة التكبير - المجهر - ومثلها البيضة.
وكذا القول بأن المراد من الميت الذي يخرج من الحي: النطفة أو البيضة التي يخرجها الله من الحيوان، لا يصح أن يقبل إلا على سبيل المجاز، لما قدمناه.
وقال الحسن في معنى الآية: يخرج المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن، فحمل الحياة والموت على المجاز. وروى هذا التفسير عن أئمة أهل البيت.
ويمكن تفسيرها مجازًا بمعنى: يخرج الطيب من الخبيث، والخبيث من الطيب، والعالم من الجاهل، والجاهل من العالم، والذكيّ من البليد، والبليد من الذكيّ، إلى غير ذلك. ولا تغفل عما قلناه في موضوع النطفة من أن اعتبار النطفة ونموها كالبيضة ميتة، إنما هو على سبيل التشبيه بها، عند مقارنتها بالحيوان الذي يتخلق منها، وليس على سبيل الحقيقة، ففي النطفة - وما ماثلها - حياة. كما تقدم.
{لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28)}
المفردات:
(أَوْلِيَاءَ) أصدقاء، أو أنصارا.
(مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ): متجاوزين المؤمنين إلى الكافرين.
(فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ): فليس في دين الله من شيء.
(إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً): إلا أن لِتَقُوا أنفسكم وتحفظوها مما يُتَّقى ويحذر منهم.
(الْمَصِيرُ): المرجع.
التفسير
28 - {لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ... } الآية.

الصفحة 548