كتاب التفسير الوسيط - مجمع البحوث (اسم الجزء: 1)

56 - {فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ}:
المعنى: فأَما الذين كفروا بأن جحدوا نبوته وجعلوه إلها، أو ابنا له تعالى، فيعذبهم الله عذابًا شديدًا: في الدنيا بالقتل والأسر، حتى يخضعوا أو يعطوا الجزية، في مقابل رعايتهم والدفاع عنهم. وفي الآخرة حيث يخلدون في النار، وما لهم من ناصرين يدفعون عنهم عذاب الله.
57 - {وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}:
المعنى: وأما الذين صدقوا بنبوتك يا عيسى، وصدقوا بجميع الرسالات، وعملوا الصالحات: في دينهم ودنياهم - فيعطيهم أُجورهم وافية وافرة. والله لا يحب الظالمين بالكفر والمعاصي، ولا يرضى عنهم بل يبغضهم ولا يرحمهم. فلذلك يعاقبهم في الدنيا والآخرة.
58 - {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ}:
المعنى: هذا الذي نتلوه عليك يا محمد، من أمر عيسى مع قومه، هو من البراهين الشاهدة بنبوتك. فإن ذلك مما لا يعلمه سوى أهل الكتاب - وأنت أُمي ولا صحبة لك مع أهل الإنجيل حتى تعلمه منهم - فلم يبق إلا أنك عرفته من الوحي.
وكما أنه من الآيات، فهو من القرآن الحكيم. أي المحكم المتقن المصون من الباطل. أو صاحب الحكمة وهي إصابة الحق.
والتعبير بالمضارع (نَتْلُوهُ) بدل الماضي - تلوناه - استحضار للصورة التي حصلت؛ للاعتناء بها.
ويمكن حمل المضارع على ظاهره - وهو الحال - لأن قصة عيسى لم يفرغ منها بعد.

الصفحة 582